2025-07-27

د. فواز الخطيب لـ«النهار»: المحاكم الاقتصادية دافع لمناخ الاستثمار

في ضوء قرار وزير العدل بتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون بشأن إنشاء المحاكم الاقتصادية، قدّم والاستاذ الزائر بكلية القانون الكويتية العالمية وشريك مدير شركة مجموعة طاهر للمحاماة والخبير القانوني د. فواز خالد الخطيب رؤيته حول المسار الأمثل لتطوير القضاء الاقتصادي في الكويت، مؤكدا أن المحكمة الاقتصادية بصيغتها التقليدية لم تعد كافية، وأن المرحلة تتطلب تأسيس منظومة قضائية متخصصة وعميقة تخدم بيئة الأعمال والاستثمار.

وأكد د. الخطيب على اهمية إنشاء محاكم متخصصة هو توجه ضروري يتماشى مع استراتيجية الدولة لتطوير مناخ الاستثمار، وتعزيز ثقة المستثمر المحلي والدولي في النظام القضائي، وتحسين تصنيف الكويت في المؤشرات القانونية والاقتصادية ، موضحا انها بصيغتها العامة قد تعاني من تداخلات واختصاصات متشعبة تشمل الضرائب، الجمارك، الأسواق، غسل الأموال.

وطالب بضرورة فصل المحاكم، وتوزيعها حسب نوع النزاع المالي أو التجاري، ومدى تعقيده أو خطورته ، مشيرا الى ان التجربة المصرية - على سبيل المثال- في المحاكم الاقتصادية جيدة، لكنها تُعاني من تداخل الاختصاصات، إذ تجمع بين الدعاوى المدنية والجنائية، وتتعامل مع قضايا شديدة التفاوت في الطبيعة القانونية ضمن بنية واحدة.
أما فيما يتعلق بالاقتراحات المطروحة في الكويت، مثل مقترح بعض النواب السابقين، فهي خطوات مشكورة، لكنها لا تزال تدور في إطار المحكمة الشاملة ذات الاختصاص المتعدد، ما يجعلها معرضة للتعقيد والتكرار وافتقار التخصص.

المزيد في تفاصيل الحوار

ما أهمية إنشاء المحاكم الاقتصادية؟
-
لا شك أن إنشاء محاكم متخصصة هو توجه ضروري يتماشى مع استراتيجية الدولة لتطوير مناخ الاستثمار، وتعزيز ثقة المستثمر المحلي والدولي في النظام القضائي، وتحسين تصنيف الكويت في المؤشرات القانونية والاقتصادية.
لكن من المهم التنبيه إلى أن المحكمة الاقتصادية بصيغتها العامة قد تعاني من تداخلات واختصاصات متشعبة تشمل الضرائب، الجمارك، الأسواق، غسل الأموال، الشركات… وهي مجالات ذات طبيعة قانونية وفنية مختلفة جذريا.
لذا، فإن التحول القضائي الحقيقي لا يكون بإنشاء محكمة اقتصادية شاملة، بل ببناء منظومة محاكم متخصصة، ذات اختصاصات دقيقة، وقواعد إجرائية مرنة، وقضاة ذوي تكوين نوعي.

كيف يمكن أن تسهم هذه المحاكم في تقليص الدورة المستندية للقضايا التجارية؟

-
عندما تُفصل القضايا وفق اختصاصات دقيقة، يُصبح القاضي أكثر دراية بطبيعة النزاع، ويُصبح العمل القضائي أكثر كفاءة وانضباطًا.
القضايا تُدار وفق جداول زمنية واضحة، وإجراءات مُصممة بحسب نوع المنازعة (وليس بحسب النموذج التقليدي العام). فالتجربة البريطانية (Business and Property Courts)، والتجربة الأميركية (Delaware Court of Chancery) أثبتتا أن التخصص يُقلل من زمن التقاضي، ويرفع دقّة الأحكام، ويخفض الكلفة القانونية على المتقاضين.

ما طبيعة المحاكم الاقتصادية وآلية عملها المثلى؟

-
أؤمن بأن الكويت في حاجة إلى نموذج قضائي متقدم، قائم على التخصص العميق، لا التوسع الإداري. والمقترح الأفضل أن تُنشأ محاكم متخصصة وفق معيارين:
1.
التخصص القيمي:
إنشاء محكمة القضايا التجارية عالية القيمة (لكل منازعة تتجاوز 5 ملايين د.ك، أو ذات طابع مالي دولي).
2.
التخصص النوعي:
محكمة الضرائب والجمارك
محكمة الإفلاس (مدنية وجزائية منفصلة)
محكمة أسواق المال والاستثمار
محكمة الجرائم الاقتصادية
محكمة الملكية الفكرية والتقنيات الحديثة
محكمة قضايا المنافسة والغش التجاري
واعتقد ان هذا التقسيم يُخفف العبء على المحاكم العامة، ويخلق بيئة عدلية احترافية، شبيهة بما هو معمول به في الأنظمة القضائية العالمية المتقدمة.

ما تأثير المحاكم الاقتصادية على الوضع الاقتصادي حال تطبيقها؟

-
الأثر سيكون تحويليا، على مستويات عدة:
رفع مستوى الثقة في البيئة القانونية
تقليل لجوء المستثمرين إلى التحكيم الأجنبي
تسريع الفصل في النزاعات التجارية الكبرى
تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر
تحسين تصنيف الكويت كمركز قانوني ومالي إقليمي
دعم خطة كويت جديدة 2035 لجعل البلاد مركزا جاذبا لرأس المال
ومما لا شك فيه ان المستثمر لا يبحث فقط عن قوانين جيدة، بل عن قضاء يفهم طبيعة أعماله ويفصل بنزاعاته بسرعة وفعالية.

دستوريا، ما الأطر لإنشاء هذا النوع من المحاكم في دولة الكويت؟

-
الدستور الكويتي، في المادتين 164 و166، يتيح للمشرّع تنظيم القضاء والمحاكم واختصاصاتها. وبالتالي لا يوجد أي مانع دستوري لإنشاء محاكم متخصصة، بشرط احترام مبدأ التقاضي على درجتين.
ويجوز إنشاؤها عبر:
قانون خاص لكل محكمة متخصصة
أو تعديل قانون تنظيم القضاء، بإنشاء قطاع محاكم تجارية ومالية يتفرع إلى محاكم تخصصية.

كما أن قانون الرسوم القضائية الجديد رقم 78 لسنة 2025 يُعزز هذا الاتجاه، إذ يُميز القضايا التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين د.ك ويُخضعها لرسم نسبي خاص (1%)، ما يتيح اعتماد معيار قيمي واضح لاختصاص محكمة القضايا الكبرى.

ما رأيكم في التجارب المقارنة، أو مقترحات القوانين الحالية في الكويت؟

-
التجربة المصرية - على سييل المثال- في المحاكم الاقتصادية جيدة، لكنها تُعاني من تداخل الاختصاصات، إذ تجمع بين الدعاوى المدنية والجنائية، وتتعامل مع قضايا شديدة التفاوت في الطبيعة القانونية ضمن بنية واحدة.
أما الاقتراحات المطروحة في الكويت، مثل مقترح بعض النواب السابقين، فهي خطوات مشكورة، لكنها لا تزال تدور في إطار المحكمة الشاملة ذات الاختصاص المتعدد، ما يجعلها معرضة للتعقيد والتكرار وافتقار التخصص.
المطلوب اليوم هو فصل المحاكم، وتوزيعها حسب نوع النزاع المالي أو التجاري، ومدى تعقيده أو خطورته.

كيف تلتقي هذه الرؤية مع الجانب الأكاديمي والواقع العملي في تدريس القانون؟

-
في كلية القانون العالمية يقدم استاذنا الدكتور فيصل الكندري
-
العميد - مقررات مثل الجرائم الاقتصادية 1 و2، ندرس فيها الجرائم المتداخلة بين عدة تشريعات، وهي بطبيعتها تتطلب فهما ماليا ومحاسبيا إلى جانب التحليل القانوني.
فمن غير المنطقي أن تُدار داخل محاكم جنايات عامة، أو تُجمع كلها في محكمة اقتصادية عامة.
بل الأصل أن تكون هناك محاكم مختصة وفق طبيعة الجريمة أو النزاع الاقتصادي، بطريقة مهنية ووظيفية تتناسب مع المحيط الاقتصادي.

ما الخطوات التي يجب اتخاذها بخصوص الاستثمار والمحكمة الاقتصادية؟

-
الاستثمار يحتاج إلى منظومة متكاملة من تشريع واضح وبيئة تنظيمية مرنة وقضاء متخصص وعادل ولذلك، فإن التحول والتطوير لا يكون بإنشاء محكمة اقتصادية شاملة، بل ببناء منظومة محاكم متخصصة، ذات تخصصات عميقة ومدروسة، تستجيب لتنوع البيئة الاستثمارية والمالية الحديثة.
هذه هي الخطوة التشريعية التي نعتقد بأنها تساعد في بناء مستقبل افضل لدولة الكويت كمركز قانوني واقتصادي رائد في المنطقة.

 

المصدر: جريدة النهار